طرابلس على صفيح ساخن: حشود عسكرية تهدد استقرار العاصمة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


الحشود العسكرية تصل العاصمة: مؤشر على تصعيد محتمل.. .،

وصلت خلال الأسبوع الماضي تعزيزات عسكرية إلى طرابلس، بما في ذلك آليات ثقيلة ومقاتلين مدربين، قادمة من مناطق مثل مصراتة والزنتان الداعمة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة. التحركات أثارت قلق المدنيين وأكدت أن العاصمة على صفيح ساخن، مع استعداد محتمل لأي مواجهة.

في المقابل، تسيطر قوات الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة على نقاط استراتيجية، أبرزها مطار معيتيقة وأحياء تاجوراء وسوق الجمعة وعين زارة. هذه السيطرة تجعل أي تحرك حكومي عرضة لمواجهة مباشرة، ما يزيد من خطورة الوضع الأمني.. .،

— جذور الصراع: نزاع السلطة بين الحكومة وقوات الردع–

الصراع الحالي ليس جديدًا، بل يعود إلى سنوات ما بعد سقوط القذافي، حيث ترى حكومة الوحدة الوطنية أن جهاز الردع يجب أن يكون تحت سيطرتها المباشرة، بينما يرفض الجهاز أي قرار يقلص من نفوذه في العاصمة.

في مايو الماضي، أصدر الدبيبة قرارًا بحل جهاز الردع ونقل اختصاصاته إلى وزارة الداخلية، لكن الجهاز رفض القرار، معتبرًا أنه صادر عن الحكومة وليس المجلس الرئاسي. هذا الخلاف أدى إلى اشتباكات محدودة وأظهر هشاشة السيطرة الحكومية على العاصمة.

《الانتخابات والحوار السياسي: تحديات وإكراهات》

تسعى الأمم المتحدة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال 12 إلى 18 شهرًا، مع حوار وطني شامل حول القضايا الاقتصادية والأمنية. لكن الواقع على الأرض يظهر صعوبة تنفيذ هذه الخطة بسبب استمرار الصراع العسكري والسياسي بين الأطراف الليبية.

الاستخدام العسكري للضغط السياسي يعكس أن الدبيبة يسعى لإعادة ترتيب أوراقه، بينما ترفض قوات الردع أي تنازل عن السيطرة على مرافق حيوية، ما يجعل الوصول إلى اتفاق سلمي صعبًا في ظل الوضع الراهن.

《المجتمع الدولي يحذر: الضغط على الأطراف لتجنب التصعيد》

بعثة الأمم المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأفريقي ودول مثل فرنسا وإيطاليا وتركيا، حذرت من أي مواجهة عسكرية في طرابلس، مؤكدة أن ذلك قد يؤدي إلى موجات نزوح واسعة وتفاقم الأزمة الإنسانية، بالإضافة إلى تهديد العملية السياسية بأكملها.

التوازنات الإقليمية والدولية دقيقة، حيث يسعى كل طرف لتعزيز نفوذه دون دفع الوضع نحو الانهيار الكامل، في ظل هشاشة مؤسسات الدولة وانقسام البلاد بين الشرق والغرب.

— الشرق الليبي وحفتر: موسكو رمز دعم واستمرارية

زار الفريق أول:خالد خليفة حفتر” موسكو مؤخرًا في الذكرى السنوية لثورة الفاتح، في خطوة رمزية وسياسية تؤكد استمرار الدعم الروسي للشرق الليبي. الزيارة تهدف لتعزيز موقفه داخليًا وخارجيًا، والتأكيد على أن أي حل سياسي في ليبيا يجب أن يشمل مصالح الشرق الليبي.

{المخاطر الإنسانية والأمنية}

انتشار القوات العسكرية في طرابلس يزيد من القلق لدى المدنيين، ويهدد الحياة اليومية في المدينة، بما في ذلك تعطيل المدارس والمستشفيات، وزيادة النزوح الداخلي. استمرار الصراع يضعف الثقة بين المواطنين والسلطات الرسمية، ويزيد من احتمالات الفوضى والعنف، ما يجعل أي حل مستدام صعبًا دون ضغط دولي فعّال.. .،

السيناريوهات المحتملة

تصعيد محدود: اشتباكات محدودة مع خسائر بشرية ومادية، دون تغيير جوهري في السيطرة.

–تسوية سياسية: اتفاق مؤقت لإعادة توزيع السيطرة على المرافق الحيوية وتهيئة الظروف للانتخابات، بدعم من المجتمع الدولي.

–نزاع شامل: مواجهة واسعة تشمل مناطق أخرى في الغرب الليبي، تعقد أي جهود سياسية وتعيد البلاد إلى حالة الفوضى ما بعد سقوط القذافي.

{طرابلس بين المطرقة والسندان}

الوضع الحالي في طرابلس يعكس هشاشة المشهد الليبي وتعقيد الصراعات الداخلية بين الحكومة وقوات الردع، مع دور فاعل للشرق الليبي بقيادة حفتر والدعم الخارجي الذي يضيف بعدًا إقليميًا ودوليًا للأزمة.

الاستقرار في طرابلس ليس مجرد مسألة أمنية، بل مرتبط بقدرة الأطراف الليبية على التوصل إلى توافق سياسي شامل وإيجاد حل يهيئ الظروف للانتخابات المقبلة. في ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح ليبيا في تجاوز الانقسامات العسكرية والسياسية، أم أن العاصمة مقبلة على فصل جديد من الصراع؟

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث في الشأن الجيوسياسي والصراعات الدولية،



‫0 تعليق

اترك تعليقاً