من قلب غزة إلى شاشات الفضائيات صرخة ضد الحرب.. أوقفوا الحرب.. أوقفوا إطلاق النار

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


كأي إنسان طبيعي أجلس أمام شاشة التلفزيون أتنقّل بين نشرات الأخبار من قناة إلى أخرى.

أبحث عن خبر يطمئن القلب أو عن صورة تنفي الموت أو تبعده، فلا أجد سوى تكرارا لمشاهد جديدة من المجازر وحرب الإبادة، مرّة أستعين بقلبي لأفهم ما أراه ومرّة أحاول أن أطفئ نار قلبي كي أحتمل ما أراه، لكن تظل في العين و العقل و القلب المثقل بالوجع، صور لا يمكن أن تُمحى لأطفال يمدّون أوانيهم الصغيرة استجداءا لأجل لقمة طعام أو أقل منها، بالكاد تسمن أو تغني من جوع و هي ليست كذلك، و ما كان أهل غزة كذلك، ذاك مشهد يطاردني على طول اتصال الليل و النهار، يجعلني أشعر بأنني أنا الذي يمد يده، أنا الجائع في غزة، أنا المحاصر، أنا الأب الذي يعجز عن إشباع جوع أطفاله، حينها أشعر بالعجز والعجز هنا أصعب من الظلم.

الخطر يقترب من كل زاوية، الأخبار تربك والتفكير أشد إرهاقا، لا أعرف النوم كما يعرفه الآخرون وإن نمت فذلك نوم الجسد فقط بينما يظل عقلي فزعا ساهرًا راكضا بين الصور والكوابيس.

أحاول أن أتخيّل ما سيأتي لكن حجم الكارثة يفوق كل خيال الحرب ليست قذائف ودمارًا فحسب بل صارت تسكننا جميعًا حتى من لم يكن تحت القصف مباشرة.

ارتداداتها طالت حياتنا اليومية وصحتنا الجسدية والنفسية تحوّلنا إلى كائنات مثقلة بالقلق نحمل أمراضًا لم نعرفها من قبل وأرواحًا منهكة تبحث عن فسحة للتنفس أنظر إلى الوجوه من حولي فأجدها قد تغيّرت، بعضها يتنفس الكراهية، بعضها فقد الأمل، وبعضها آثر الصمت عجزا و ألجمه الشلل السكوت من هول ما قد رأى.

كل اتصال بأهلنا في غزة جرح جديد.نسمع عن الجوع الذي يفتك بهم عن الأجساد التي تنحلّ قبل أن يتذوق الأطفال لقمة و قد ناموا على وجع المعدة الفارغة.

كنا نسمع قبل زمن من يقول

ما حدا بينام بدون عشا ولا حدا بيموت من الجوع

في بلدي نامت الأطفال جوعى و مات الكرام جوعا

لقد تحوّل الجوع إلى سلاح آخر من أسلحة الحرب اللعينة والبشعة لا يقتل بسرعة الرصاص لكنه يفتك ببطء حتى يغدو الموت أمنية.

من ينجُ من القصف يطارده الحصار ومن ينجُ من الحصار يطارده المرض ومن ينجُ من المرض يطارده الخوف والنزوح، إنها حرب متكاملة لم تترك شئيا من الحياة إلا و قد دمّرته.

وفي وسط هذا الخراب وهذا الدمار يطلّ نوع آخر من الوجع تجّار الحرب أو فئرانها إن لم يخني التعبير و الوصف، فأنا لا أقصد التجار بالمعنى المباشر، بل أولئك الذين يتاجرون بوعي الناس وآلامهم و دمائهم، يرفعون الشعارات ويستثمرون الجراح، يحوّلون المأساة إلى وسيلة للظهور والمكاسب ويسرقون من الدم جلاله ومن الجرح قدسيته.

نحن جميعًا أسرى لهذه الحرب، أهلنا في غزة أسرى الحصار والجوع ونحن هنا أسرى الصور والذكريات والعجز.

الفرق أن جوعهم يفتك بأجسادهم بينما يفتك بنا جوع آخر جوع الروح التي تبحث عن أفق ومعنى الحرب لم تترك لنا إلا قلبًا مثقلاً وذاكرة مشبعة بمشاهد لن تزول.

طفل يصرخ أم تنوح أب يفتش بين الركام طفله تنادي بين الركام وعجوز يبحث عن الماء.

صور تتكرر حتى صارت جزءًا من وعينا الجمعي.

ورغم ذلك كله أرفع صوتي عاليًا أوقفوا إطلاق النار أوقفوا الحرب.

إنها حرب يقودها الاحتلال ضد شعبنا الأعزل حرب غيّرت الجغرافيا السياسية وأعادت رسم حدود الألم أرى ذلك في كل لقطة تراها عيناي على الشاشات وفي كل مشهد ينهش وجداني

هناك أمي الحنونة السيدة التي لا ذنب لها سوى أنها من غزة وهناك إخوتي وأهلي وأبناء عمومتي وشعبي لا ذنب لهم سوى أنهم لا يرغبون في ترك وطنهم أتنقّل معهم من نزوح إلى نزوح وأتمنى أن يتوقف هذا الجرح المفتوح.

أنا لا أكتب لأجل البكاء على الأطلال بل لأقول إننا ما زلنا هنا نرى ونشهد ونشاهد ونكتب.

الجوع في غزة يفتك بالأجساد لكنه يفضح أيضًا عالمًا فقد إنسانيته ومن وسط كل هذا الألم يبقى صوتنا شاهدًا ورافضًا لأن الصمت هو الوجه الآخر للهزيمة

والسوال دائما، كيف يباد ما يقارب من 2 مليون مدني مقابل 50 رهينة على مساحة 360 كيلومتر مربع مساحة القطاع الأصلية ويقتل في حرب غير معلنة هناك في الضفه الغربية والقدس

أوقفوا الحرب البشعه ضد أهلي وشعبي

أوقفوا نزيف الموت أوقفوا الإبادة إن سمعتم

فلسنا أصحاب الأخدود



‫0 تعليق

اترك تعليقاً